أخبار

قصة بيع قناة السويس تثير الجدل في مصر.. أين الحقيقة؟

استحوذت قضية بيع قناة السويس على اهتمام الشارع المصري السياسي والاقتصادي على حد سواء، في أعقاب تحركات برلمانية لإنشاء صندوق خاص للقناة يتيح لها الدخول في استثمارات بعيدًا عن الموازنة العامة للبلاد.

الأنباء المتضاربة حول القناة دفعت الحكومة المصرية إلى إصدار بيان رسمي لكشف الحقيقة وتأكيد عدم صحة ما يُتداول من شائعات.

وقال البيان المنشور عبر صفحة مجلس الوزراء على “فيسبوك”، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة: “تداولت بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن اعتزام الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس بصفته بابًا خلفيًا لبيع القناة”.

ونفى مجلس الوزراء الأنباء المتداولة، مؤكدًا أنه لا صحة لاعتزام الحكومة إنشاء صندوق للهيئة.

وجاءت شائعات بيع قناة السويس بعد موافقة البرلمان المصري، أمس الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول، من حيث المبدأ على مشروع قانون مُقدّم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، وهو القانون الذي لاقى معارضة داخل البرلمان وخارجه.

ملكية قناة السويس

شدد بيان الحكومة على أن قناة السويس وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين.

وأوضح مجلس الوزراء المصري أن الهدف من إنشاء صندوق مملوك لهيئة القناة زيادة قدرة الهيئة على الإسهام في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة القناة وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله، وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها.

وما دفع البعض إلى ترديد شائعات بيع قناة السويس، ما تضمنه القانون من أن صندوق الجديد سيمكّن القناة من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، من أجل القيام بأنشطة اقتصادية واستثمارية.

وأكدت الحكومة في نفيها لبيع قناة السويس أن الصندوق سيُسهم في تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أي ظروف استثنائية أو سوء في الأحوال الاقتصادية.

حسابات خارج موازنة الدولة

تساءل العديد من الخبراء والنواب والمتابعين عن أهداف إنشاء صندوق تكون حساباته خارج الموازنة العام للدولة، وهو ما يفتح بابًا للفساد.

وأعلن عدد من النواب رفضهم مشروع القانون، مؤكدين أن إنشاء صناديق خاصة جديدة لا يدعم وحدة الموازنة، وقالوا: “لدينا أكثر من 7 آلاف صندوق، الحكومة تسعى إلى زيادتها بصندوق جديد يستقطع من الموازنة العامة التي تعاني عجزًا شديدًا”.

وكتب المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عبر حسابه على تويتر: “لا يمكن أحد عاقل تصديق أن قناه السويس تُعرض للبيع، ولكن أيضًا لا يمكن لأي أحد الموافقة علي زياده الصناديق الخاصة والموازنات المستقلة بعيدًا عن الميزانية العامة للدولة.. أموال القناة كانت تُحوّل إلى وزاره المالية فتساعد الموازنة العاجزة”.

من جانبها، أكدت الحكومة أن حسابات الصندوق كافة تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، مطالبة بعدم الانسياق وراء الأكاذيب التي تروّج لبيع قناة السويس، مع استقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة.

موقف البرلمان

أوضح رئيس مجلس النواب حنفي جبالي -في كلمته خلال الجلسة العامة للبرلمان اليوم الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول- ملابسات مشروع قانون تعديل نظام هيئة قناة السويس، نافيًا بصفة قاطعة أي نية لبيع قناة السويس.

وقال: “لقد هالني ما رأيته وسمعته من بعض المحسوبين على النخبة المثقفة من أن ما تضمنه مشروع القانون من أحكام تجيز تأسيس شركات لشراء أصول الصندوق وبيعها وتأجيرها واستغلالها، الذي يُعد -على حد وصفهم- تفريطًا في قناة السويس”.

وشدد جبالي على “أن مشروع القانون لا يتضمن أي أحكام قد تؤدي إلى بيع قناة السويس، لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها”، مؤكدًا أن “الدولة -وفق المادة 43 من الدستور- ملزمة بحمايتها وتنميتها والحفاظ عليها بصفتها ممرًا مائيًا دوليًا مملوكًا لمصر”.

وأشار إلى أن ما يتضمنه القانون من حق الصندوق المقرر إنشاؤه في بيع أو شراء أو استئجار أو استغلال أصوله الثابتة أو المنقولة أمر طبيعي يتفق مع طبيعة الصناديق بصفتها وسيلة من وسائل التمويل والاستثمار، ولا يعمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة على قناة السويس، لأن لفظ “الأصول” لا يمكن أن ينصرف بأي حال من الأحوال إلى القناة ذاتها فهي “مال عام” لا يمكن التفريط فيه.

مواجهة الأزمات

من جانبه كشف رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع عن الهدف من القانون الذي أُثير حوله اللغط عن وجود نية لبيع قناة السويس، موضحًا أن إنشاء الصندوق يهدف إلى زيادة قدرة الهيئة على التنمية المستدامة، ومواجهة الأزمات الطارئة في ظل تقلبات الأحوال الاقتصادية ومعوقات حركة التجارة الدولية، والقيام ببعض الأنشطة الاقتصادية.

وقال إن هيئة قناة السويس لا تمتلك أي أموال، بسبب إرسالها كل عوائدها إلى موازنة الدولة، ولذلك أُعدّ صندوق لقناة السويس يُموّل من الفائض، مشيرًا إلى أن الصندوق من حقه التصرف في أصوله غير المتعلقة بأصول هيئة قناة السويس، ويتولى إنشاء مشروعات ضخمة مثل إنتاج الوقود الأخضر، وبناء السفن.

وأوضح أن القانون يهدف إلى زيادة قدرة الهيئة على الإسهام في التنمية المستدامة لمرافقها وعمل مشروعات عالمية عملاقة مثل صناعة السفن الكبرى والضخمة والترسانات والمشروعات الخدمية المتعلقة بالهيئة كافة.

إيرادات قناة السويس

كشف أسامة ربيع عن أن إيرادات قناة السويس في 2022 سجلت أرقامًا غير مسبوقة، إذ اقتربت من 8 مليارات بزيادة تُقدّر بـ25% عن الماضي 2021، أي بمقدار 1.5 مليار دولار.

وتوقع ربيع ارتفاع إيرادات قناة السويس بحلول نهاية العام الحالي (2022) إلى 8.7 مليار دولار، بدعم من ارتفاع أعداد السفن وحجم البضائع العابرة.

وسجلت قناة السويس، خلال 153 عامًا، عبور 1.4 مليون سفينة بإجمالي حمولات صافية 32.4 مليار طن منذ دخول القناة الملاحة الدولية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1869.

وتمكّنت قناة السويس طيلة ما يزيد على قرن ونصف القرن من الزمان تحقيق إيرادات تبلغ 155.4 مليار دولار، إذ تعدّ واحدة من أهم موارد النقد الأجنبي للخزانة العامة للدولة المصرية.

يُشار إلى أن هيئة قناة السويس تضم 8 شركات، وهي التمساح لبناء السفن، والقناة للمواني والمشروعات الكبرى، والقناة لرباط وأنوار السفن، والقناة للإنشاءات البحرية، والقناة للحبال، وترسانة السويس، والأعمال الهندسية البورسعيدية، والقناة للترسانة النيلية.

المصدر : الطاقة

إغلاق