أخبار

إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية.. ثورة صامتة قد ترى النور خلال 10 سنوات

يُبشّر إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية بثورة حقيقية في الصناعة، سعيًا لتحقيق أهداف المناخ مع خفض الانبعاثات.

ويمثّل دمج الطاقة النووية وإنتاج الهيدروجين أكثر من مجرد مبادرة أخرى للطاقة النظيفة؛ إذ يُعدّ تحولًا نموذجيًا محتملًا في كيفية إزالة الكربون الصناعي.

وبينما تستمر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في احتلال العناوين الرئيسة، فإن هذه التكنولوجيا الأقل بريقًا، ولكنها أكثر تحولًا، وقد تكون المفتاح لتحقيق الأهداف المناخية، مع الحفاظ على الإنتاج الصناعي.

وهو الأمر الذي طرح تساؤلًا حول مدى السرعة التي يمكن بها توسيع نطاق هذه التكنولوجيا لمواجهة التحديات العاجلة المتمثلة في تغير المناخ وإزالة الكربون الصناعي.

إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية

يعكس إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية مفهومًا بسيطًا؛ إذ يُؤخذ المُخرجان الرئيسان لمحطة الطاقة النووية- الكهرباء النظيفة والبخار عالي الحرارة- ويُستعملان لتقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يُمكن لهذه العملية، المعروفة باسم التحليل الكهربائي بالبخار عالي الحرارة، أن تُحدث ثورة في كيفية إنتاج أحد أكثر أنواع الوقود النظيف الواعدة في المستقبل.

تأتي كندا في طليعة التحول نحو هذا الدمج بين الهيدروجين والطاقة النووية؛ إذ يقول أدريان فيغا، من مختبرات الطاقة النووية الكندية: “يجب أن تؤخذ الطاقة النووية بالحسبان في مزيج الطاقة”.

وتابع: “إذا كان لديك كل المزايا التي تتمتع بها محطة الطاقة النووية من حيث الكهرباء والحرارة، فمن المنطقي أن تفكر في إنتاج الهيدروجين بالاستفادة من كل ذلك”.

حاليًا، يُنتج أكثر من 90% من الهيدروجين في كندا من خلال إصلاح الميثان بالبخار، وهي عملية تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.

ومن خلال الاستفادة من مخرجات الطاقة النووية المزدوجة من الكهرباء والحرارة، يُمكن للمنتجين تقليل البصمة الكربونية وتكاليف التشغيل لإنتاج ما يُطلق عليه “الهيدروجين الوردي” بشكل كبير.

 عوامل تحدد المستقبل

بينما يركّز جزء كبير من الخطاب العام حول الهيدروجين على السيارات الخاصة والنقل، فإن الثورة الحقيقية تحدث في الصناعة.

ويتوقع فيغا: “في المستقبل، سترى الكثير من الهيدروجين يُستعمل في الصناعة.. ستكون الصناعة أكثر سعادة بأخذ الهيدروجين النظيف، إنه مفيد ليس فقط لهم، بل للجميع”.

المخاطر هائلة؛ إذ تُضخ حاليًا “كمية لا تصدَّق من المال” في أبحاث وتطوير الهيدروجين.

خلال العقد المقبل، من المتوقع أن تتقدم تكنولوجيا التحليل الكهربائي بالبخار عالي الحرارة بشكل كبير، ما قد يعيد تشكيل المشهد الطاقي بالكامل، وفق ما نقلته منصة “إنرجي نيوز” (Energy News).

وغالبًا ما يثير المنتقدون مخاوف بشأن الجمع بين إنتاج الطاقة النووية والهيدروجين.

ومع ذلك، تتخذ مختبرات الطاقة النووية الكندية نهجًا استباقيًا من خلال إنشاء مركز سلامة الهيدروجين، وهو المركز الأول من نوعه حيث يمكن للشركات الفاعلة في الصناعة التعاون لمعالجة تحديات السلامة وتطوير الحلول.

ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن التكنولوجيا نفسها المستعملة لإنتاج الهيدروجين يُمكن تكييفها لإنتاج الوقود الاصطناعي.

ومن خلال الجمع بين ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الانبعاثات الصناعية والهيدروجين، يُمكن للمصنعين إنتاج الديزل الاصطناعي ووقود الطيران، مع إعادة تدوير انبعاثات الكربون بفعالية مع إنتاج وقود أنظف.

ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، يتوقف مستقبل إنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية على 3 عوامل رئيسة: التقدم التكنولوجي في التحليل الكهربائي بالبخار عالي الحرارة، والتكامل الناجح مع العمليات الصناعية القائمة، والقبول العام وإشراك أصحاب المصلحة.

وستكون السنوات الـ10 المقبلة حاسمة، وكما يلاحظ فيغا: “هناك اهتمام مستمر بالهيدروجين، وهذا أمر مشجع للغاية.. آمل بالتأكيد أنه في غضون 10 سنوات، ستكون كل تكنولوجيا التحليل الكهربائي بالبخار عالي الحرارة أكثر تقدمًا بكثير”.

تطوير الهيدروجين الوردي

عن تطوير الهيدروجين الوردي، قال خبير الطاقة النووية وكبير مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالأمم المتحدة سابقًا، الدكتور يسري أبو شادي، إن التطبيقات السلمية للطاقة النووية تشهد انتشارًا كبيرًا في الوقت الحالي.

وأشار أبو شادي إلى أن عدد مفاعلات الطاقة النووية العاملة -الآن- قد وصل إلى 440 مفاعلًا في 33 دولة (أحدثها الإمارات وبيلاروسيا)، بجانب 60 مفاعلًا تحت الإنشاء في 16 دولة، منها مصر وتركيا وبنغلاديش.

وقال، إن دور المفاعلات النووية لا يقتصر على توليد الكهرباء فقط، بل يؤدي وظائف أخرى، من بينها تحلية المياه، وإنتاج البخار والمياه الساخنة في تطبيقات الصناعة والتدفئة، فضلًا عن استعمال النظائر المشعّة في العلاج والصناعة والزراعة، وإنتاج الهيدروجين الوردي.

وأوضح أبو شادي خلال ندوة بعنوان “دور الطاقة النووية في إنتاج طاقة نظيفة”، في إطار فعاليات المبادرة العربية للتعريف بالهيدروجين الأخضر والمشروعات الخضراء 2024، أن الكهرباء من المحطات النووية تُستعمَل حاليًا لإنتاج نحو 5.% من الهيدروجين بطريقة التحليل الكهربائي، ما يؤدي إلى خفض نحو 6 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا.

وسلّط خبير الطاقة النووية الضوء على وجود طريقة أخرى مستقبلية لإنتاج الهيدروجين من نوع من المفاعلات النووية، تسمى مفاعلات درجة الحرارة العالية (HTR).

وقال، إنه يمكن استعمال بخار الماء مرتفع الحرارة المولد (وقبل مروره على توربين إنتاج الكهرباء) في توليد الهيدروجين بطرق اختزال كيماوي، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المفاعلات الحديثة ما يزال قيد التطوير، ولا سيما في اليابان والصين.

اترك تعليقاً

إغلاق