أخبارالنفط

مصفاة الدقم العمانية.. أحد أكبر مشروعات التكرير في الشرق الأوسط

تعدّ مصفاة الدقم العمانية واحدة من أكبر مصافي النفط في الشرق الأوسط، التي تنتظرها الأسواق العالمية خلال العام الجاري (2023)، لتضيف طاقة جديدة لقوة التكرير في منطقة الخليج العربي.

ومن المتوقع أن تسهم مصفاة الدقم في رفع إجمالي الطاقة التكريرية لسلطنة عمان إلى 500 ألف برميل يوميًا، بحجم زيادة يبلغ 230 ألف برميل يوميًا من الخام العماني والكويتي.

ومع اقتراب التشغيل التجاري لمصفاة الدقم العمانية، تستعرض وحدة أبحاث الطاقة أهم المعلومات عن أحد أبرز مشروعات تكرير النفط، التي من المتوقع لها أن تسهم في تحويل منطقة الدقم بسلطنة عمان إلى واحدٍ من أهم المراكز الصناعية والاقتصادية إقليميًا وعالميًا.

تسلسل زمني لمصفاة الدقم العمانية

قررت سلطنة عمان إعداد دراسة جدوى اقتصادية حول إنشاء مصفاة لتكرير النفط بمنطقة الدقم الصناعية، لتنتهي من الدراسة في مارس/آذار 2011.

وبعد إتمام الدراسة، اتجهت البلاد إلى تمهيد موقع بناء المصفاة بمنطقة الدقم، الذي قامت به شركة جلفار للمقاولات في عمان على مدار عامي 2015 و2016.

وفي عام 2017، وقّعت شركة النفط العمانية (أوكيو العمانية حاليًا) مع شركة البترول الكويتية العالمية اتفاقية شراكة تتضمن إنشاء مصفاة الدقم ومجمع الصناعات البتروكيماوية، باستثمارات 8.5 مليار دولار أميركي.

بينما شهد عام 2018 توقيع عقود مع شركات الهندسة والمشتريات والبناء للبدء في إنشاء مصفاة الدقم العمانية، وفق التسلسل الزمني، الذي رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومع نهاية شهر أبريل/نيسان 2018، وُضِع حجر الأساس لتنفيذ مصفاة الدقم، لتوصف حينها بأنها أكبر مشروع استثماري مشترك بين دولتين خليجيتين (عمان – الكويت) يقع في المنطقة الاقتصادية بالدقم.

ويشار إلى أنه نتج عن تلك الشراكة بين شركة أوكيو العمانية وشركة البترول الكويتية العالمية إطلاق شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية تحت مسمى “أوكيو 8″، لتكون مسؤولة عن مصفاة الدقم.

ومع مطلع يونيو/حزيران 2019، أسندت “أوكيو 8” مرحلة التصميم الأولي لمجمع الصناعات البتروكيماوية بالدقم الملحق بالمصفاة، إلى شركة وود البريطانية (Wood)، بهدف إعداد التصميمات الهندسية الأولية للمجمع ووحدة استخلاص المواد السائلة من الغاز الطبيعي وخط الأنابيب اللازم لنقلها من مناطق الإنتاج.

ويتضمن مجمع الصناعات البتروكيماوية وحدة معالجة وتكسير بخارية لمعالجة مختلف أنواع المواد الخام من منتجات المصفاة، بطاقة إنتاجية تبلغ 1600 كيلوطن سنويًا من الإيثيلين.

ومن المقرر أن يُعالج المجمع كذلك عددًا من منتجات المصفاة مثل غاز النفط المسال والنافثا والغازات المصاحبة والمواد السائلة المستخلصة من الغاز الطبيعي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وبحلول سبتمبر/أيلول 2020، أسندت سلطنة عمان 12 ترخيصًا تقنيًا لمصفاة الدقم العمانية إلى عدد من الشركات العالمية.

ومن بين التراخيص الممنوحة، إسناد وحدة التكسير الجزيئي بالبخار للخام الممزوج، وكذلك وحدة استخلاص الغاز الطبيعي، إلى شركة لوموس للتقنية المحدودة (Lummus Technology)، كما أسندت تقنيات المشتقات النفطية (وحدة العطريات) إلى شركة يو أو بي المحدودة.

وفي فبراير/شباط 2023، استلمت مصفاة الدقم العمانية النفط الخام للمرة الأولى عبر خط أنابيب يقع على بعد 80 كيلومترًا في منشأة رأس مركز.

بينما شهد أبريل/نيسان 2023 بدء التشغيل التجريبي لوحدة تقطير النفط الخام في مصفاة الدقم العمانية، بخطوة تمهيدية للوصول إلى جاهزية التشغيل لجميع وحدات المصفاة هذا العام.

ماذا تعرف عن المساهمين؟

يتوزع رأسمال مصفاة الدقم العمانية مناصفةً بين شركة أوكيو العمانية وشركة البترول الكويتية العالمية، بحصّة تبلغ 50% لكل منهما، وتديرها شركة “أوكيو 8”.

وشركة أوكيو العمانية هي نتاج دمج 9 شركات محلية في كيان واحد خلال عام 2019، بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والانطلاق إلى الأسواق العالمية.

وشملت قائمة تلك الشركات المندمجة (النفط العمانية، والنفط العُمانية للمصافي والصناعات البترولية “أوربك”، والنفط العمانية للاستكشاف والإنتاج، والغاز العمانية، وصلالة للميثانول، والعمانية العالمية للمتاجرة، وأوكسيا، وصلالة لغاز النفط المسال) بالإضافة إلى دمج عمليات مصفاة الدقم العمانية.

وبحسب البيانات الرسمية، توجد الشركة العمانية في 17 دولة، بدءًا من مراحل الاستكشاف والإنتاج والنقل والتخزين والمصافي والبتروكيماويات، بالإضافة إلى منتجاتها النهائية التي تقوم بتوزيعها في أكثر من 60 دولة.

بينما يعود تأسيس شركة البترول الكويتية العالمية المحدودة إلى عام 1983، إذ تتركز أنشطتها الرئيسة على أوروبا والشرق الأقصى.

وتعدّ البترول الكويتية العالمية هي الذراع الدولية لشركة البترول الكويتية “KPC” لتكون واحدة من أكبر 10 شركات للطاقة في العالم.

ومن أبرز مهام البترول الكويتية التكرير والعمل على تسويق الوقود ومواد التشحيم والمشتقات النفطية خارج الكويت.

أبرز خصائص المصفاة

تُصنَّف مصفاة الدقم العمانية بأنها أحد أكبر مشروعات تكرير النفط في منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية، التي تتجاوز 8 مليارات دولار.

وتقع المصفاة على مساحة تصل إلى 900 هكتار، أي ما يعادل أكثر من 2000 فدان، بطاقة إنتاجية تصل إلى 230 ألف برميل يوميًا.

وتتمثل المراحل الإنشائية الرئيسة لمصفاة الدقم العمانية في تنفيذ وحدات المعالجة الرئيسة، والمرافق والخدمات المساندة، ومنشآت تخزين النفط الخام في رأس مركز.

وكذلك إنشاء خط يبلغ طوله 80 كيلومترًا لنقل النفط الخام من منطقة رأس مركز إلى مجمع المصفاة، وفق المعلومات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ومن أبرز ما يميز مصفاة الدقم موقعها الإستراتيجي على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان، الذي يطل على خطوط الملاحة الدولية الرئيسة في المحيط الهندي وبحر العرب، لتكون على طريق التجارة العالمية، وتسهم في الربط بين الأسواق العالمية شرقًا وغربًا، كما تبعد نحو 600 كيلومترًا عن العاصمة مسقط.

وتؤكد سلطنة عمان أن مصفاة الدقم ستساعد على تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، إذ من المتوقع أن تحفّز على بناء مشروعات أخرى جديدة تستفيد من منتجات المصفاة، بالإضافة إلى مساهمتها في زيادة الطلب على الخدمات اللوجستية وتنمية اقتصاد البلاد.

ومن أبرز المنتجات الرئيسة للمصفاة إنتاج المقطرات الخفيفة إلى المتوسطة، والنافثا، ووقود الطائرات النفاثة، والديزل، وغاز النفط المسال.

كما تضم مصفاة الدقم العمانية وحدة تكسير هيدروجيني، وكذلك وحدة لإزالة الكبريت بالهيدروجين، وأخرى للتفحيم المتأخر (تكسير المركبات الهيدروكربونية الكبيرة للحصول علي منتجات مثل كوك النفط)، بالإضافة إلى وحدة لاستخراج الكبريت، ووحدة لتوليد الهيدروجين، ووحدة للمعالجة بالميروكس (تُستعمل في معالجة الكيروسين).

آخر تطورات مصفاة الدقم العمانية

وصلت نسبة تنفيذ الأعمال الإنشائية في مصفاة الدقم إلى أكثر من 98% حتى أوائل أغسطس/آب 2023، لتتجاوز نسبة التقدم للتشغيل التجريبي للمصفاة 65%، ما يشير إلى اقتراب تشغيلها التجاري خلال العام الجاري.

ويعتمد التشغيل التجريبي لمصفاة الدقم على القيام باختبار 3 مراحل، الأولى تتضمن وحدات المعالجة الرئيسة، والثانية المرافق والخدمات الداعمة للعمليات التشغيلية، بينما تشمل المرحلة الثالثة اختبار منشآت تخزين وتصدير المواد النفطية السائلة والسائبة في ميناء الدقم، وكذلك منشآت تخزين النفط الخام الخاصة بالمصفاة في رأس مركز.

ويشار إلى أن خزانات النفط الخام في منطقة رأس مركز استقبلت ما يعادل أكثر من 3 ملايين برميل من النفط الخام العُماني والكويتي.

وضخّت بعد ذلك تلك الكمية من النفط المخزّنة في رأس مركز إلى مجمع مصفاة الدقم، وذلك عبر أنبوب نقل بطول 80 كيلومترًا.

وشهدت عمليات التشغيل التجريبي لمصفاة الدقم كذلك نجاحها في تصدير أول شحنة من مادة النافثا عبر ميناء الدقم إلى السوق العالمية.

أبرز المعلومات عن منطقة الدقم الاقتصادية

تصف سلطنة عمان المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، التي تقع فيها مصفاة الدقم العمانية، بأنها إحدى أهم وأكبر المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط، بحجم استثمارات يصل إلى 9.35 مليار دولار.

وتقع المنطقة على مساحة تبلغ 2000 كيلومتر مربع على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي، بعيدًا عن مضيق هرمز، لتتعدد مجالات الاستثمار بها ما بين صناعي وسياحي وتخزين وخدمات لوجستية وتطوير عقاري وإنشاء مجمعات تجارية.

كما تضم مجالات الاستثمار بها الذكاء الاصطناعي وتجارب الطائرات دون طيار (الطائرات المسيرة) والطاقة النظيفة ومشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا.

وبالتوازي مع مصفاة الدقم العمانية، تحتضن المنطقة الاقتصادية محطة لتخزين النفط الخام برأس مركز، بطاقة استيعابية للمرحلة الأولى تصل إلى 25 مليون برميل من النفط.

يشار إلى أن عمان تسعى من خلال محطة رأس مركز أن تصبح أكبر منطقة لتجميع النفط خارج مضيق هرمز، لتكون قادرة عند اكتمال بنائها على تخزين 200 مليون برميل من النفط الخام.

ويتبع المنطقة الاقتصادية بالدقم كذلك ميناء الدقم المكون من 3 أرصفة رئيسة، فضلًا عن مصفاة أخرى لإنتاج حامض السيباسك بطاقة تصل إلى 12 ألف طن سنويًا، التي بدأت التشغيل التجاري منذ عام 2019.

وتعدّ تلك المصفاة هي أول مشروع صناعي في قطاع الصناعات الثقيلة، تبدأ التشغيل التجاري في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

المصدر: جريدة أحوال عمان

إغلاق