أخبارالطاقة المتجددة
السعودية تعتزم استثمار 266 مليار دولار في قطاع الطاقات النظيفة
تعتزم السعودية استثمار أكثر من 266 مليار دولار في قطاع الطاقات النظيفة، ما يُعد أكبر استثمار معلن في المنطقة العربية حتى 2023، والذي يعادل موازنات سنوية لدول بكاملها.
فالسعودية التي تعتبر أكبر مصدر للنفط للعالم، تسعى لتكون رائدة في تصدير الطاقات النظيفة على غرار الهيدروجين والأمونيا الزرقاء والخضراء.
كما أنها تسعى إلى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والطاقة النووية، المصنفة طاقة نظيفة وغير متذبذبة ورخيصة التكلفة نسبيا، مقارنة بإنتاجها من طاقات نظيفة أخرى.
كما سيكون لخطوط نقل وشبكات توزيع الطاقة النظيفة نصيب من هذه الاستثمارات الضخمة، التي تصب جميعها في “رؤية السعودية 2030″، التي تسعى لأن تشكل الطاقة المتجددة ما يربو عن 50 بالمئة من مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2030.
وفي هذا الصدد، يقول وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن المملكة “تعتزم استثمار ما يصل إلى تريليون ريال سعودي (266.4 مليار دولار) بمجالات توليد الطاقة النظيفة، وذلك في إطار تحول المملكة نحو الصناعات الصديقة للبيئة”.
الطاقة الشمسية
تعتبر السعودية إحدى دول الشرق الأوسط التي تمتلك موقعا ومناخا يؤهلانها لتكون إحدى أبرز الدول المنتجة للطاقة الشمسية، في ظل المساحة الواسعة لأراضيها وطول ساعات الإشعاع الشمسي لديها.
ووفق موقع “رؤية 2030” الحكومي، فإن السعودية “حققت السعر الأكثر تنافسية على مستوى العالم في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وبتكلفة إنتاج تُعد رقمًا قياسيًا عالميًا”.
وفي هذا السياق، يركز “صندوق الاستثمارات العامة” في الفترة الأخيرة على مشروعات الطاقة المتجددة، إذ ضخ استثمارات متعددة في شركة أكوا باور، ومشروع سدير للطاقة الشمسية، ومشروع شعيبة للطاقة الشمسية.
تتولى شركة “أكوا باور” السعودية، إنشاء 6 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، آخرها وأكبرها مشروع محطة شعيبة بمكة المكرمة، بالشراكة مع شركة “بديل”، الذي له القدرة على إنتاج 2060 ميغاواط عند اكتمال إنجازه في عام 2025.
هذا المشروع هو أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبإمكانه تزويد 350 ألف وحدة سكنية بالكهرباء.
بينما حقق مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية، رقمًا قياسيًا جديدًا لأدنى سعر تعرفة عالميًا في قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وصل إلى 2.3 سنت لكل كيلوواط/ ساعة، بقدرة إنتاجية إجمالية 300 ميغاواط، وفق موقع شركة “أكواباور”.
طاقة الرياح
تتمتع السعودية بشواطئ بحرية طويلة قادرة على إنتاج أكثر من 200 غيغاواط من طاقة الرياح عند الاستفادة منها بمتوسط قدرة يبلغ 35.2 بالمئة.
ويعتبر هذا المعدل وفق “أكواباور” أعلى من معظم البلدان التي تضع خططًا لإنتاج الطاقة الكهربائية اعتمادًا على الرياح، على غرار الولايات المتحدة (33.9 بالمئة).
على سبيل المثال، أنجز ائتلاف شركات متعددة الجنسيات إنجاز محطة دومة الجندل لطاقة الرياح، والتي تنتج 400 ميغاواط من الكهرباء، باستثمار قدره 500 مليون دولار.
وانطلق المشروع في 2019، وكان من المقرر استلامه في 2022، ويضم 99 توربينا لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، ويعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط.
كما توجد محطة أخرى لإنتاج طاقة الرياح بالسعودية، ولكنها أصغر حجما، وتتمثل في مشروع خلادي الذي ينتح 120 ميغاواط من طاقة الرياح، باستثمار قدره 175 مليون دولار، والذي دخل مرحلة الإنتاج التجاري في 2018، وفق “أكواباور”.
الهيدروجين والأمونيا
إحدى الصعوبات التي تواجه تصدير الطاقة الشمسية تتمثل في تخزينها ونقلها، لذلك يشكل الهيدروجين والأمونيا الزرقاء أو الخضراء خيارا مناسبا لحل أزمة تصدير الطاقات المتجددة.
إذ إن تطوير إنتاج الكهرباء من طاقتي الشمس والرياح في السعودية يصب لمصلحة إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، دون الحاجة إلى استعمال الطاقة الأحفورية في التحليل الكهربائي للماء والتي ينتج عنها الهيدروجين (الرمادي أو البني أو الأزرق).
ويمكن استخدام الغاز الطبيعي، باعتباره أقل مصادر الطاقة الأحفورية تلويثا للبيئة، في إنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء، كمرحلة انتقالية نحو الحياد الكربوني.
وهو ما تبناه عملاق النفط السعودي “أرامكو”، الذي أعلن في تشرين الأول/أكتوبر 2021 خططا للاستثمار في الهيدرجين الأزرق.
غير أن السعودية ليست بلدا مصدرا للغاز، وإن كانت غير مستوردة له، لذلك تسعى لاستثمار 110 مليارات دولار لاستخراج الغاز، خاصة من حقل الجافورة الذي يحتوي على احتياطيات من الغاز تبلغ نحو 200 تريليون قدم مكعب، تأمل أن يبدأ إنتاجها في 2024.
ويتيح إنتاج السعودية لكميات أكبر من الغاز التحول السريع نحو إنتاج الهيدروجين الأزرق، وأيضا الأمونيا الزرقاء التي تمتلك خصائص أفضل من الهيدروجين في التخزين وسهولة نقلها وتصديرها.
في أيلول/سبتمبر 2021، أرسلت أرامكو أول شحنة من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان، وكان الغرض من هذا المشروع الرائد إظهار إمكان تصدير الوقود المذكور.
ورغم أن إنتاج الهيدروجين (الأزرق والأخضر) والأمونيا بنوعيها ما زالا في مرحلة التطوير ومحاولة التحكم في التكلفة المرتفعة للإنتاج، ولن تكون جاهزة للتصدير بكميات تجارية إلا مع نهاية هذا العقد (2030) إلا أن السعودية تسعى لأن تصبح أكبر مُصدّر للهيدروجين بنوعيه الأخضر والأزرق، وأيضا الأمونيا بنوعيها.
الطاقة النووية
أنشأت السعودية أول مفاعل أبحاث نووية في 2018، بهدف تطوير برنامجها النووي السلمي لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر، حسبما هو معلن رسميا.
كما أعلن وزير الطاقة في كانون الثاني/يناير المنصرم، اعتزام بلاده استخدام يورانيوم محلي المصدر لبناء قوتها النووية.
وأسست الرياض شركة نووية قابضة، للمشاركة والاستثمار في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية محليًا وعالميًا.
وسعت السعودية للحصول على دعم واشنطن في بناء برنامجها النووي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، كما بحثت مع فرنسا “سُبل التعاون المتبادل في استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية”.
فمن خلال استثمارات تفوق ربع تريليون دولار، تستعد السعودية لإنتاج مزيج من الطاقة المتجددة (شمسية، رياح، هيدروجين، أمونيا، نووي)، يجعلها حاضرة في سباق التحول الطاقوي من النفط والغاز إلى الطاقات النظيفة بحلول منتصف القرن الحالي.
المصدر : جريدة أحوال السعودية