تمر جنوب أفريقيا بلحظة محورية في تحولها في مجال الطاقة: فهي تحاول إزالة الكربون من اقتصادها (الابتعاد عن الفحم) والتأكد من أن الجميع لديهم القدرة على الوصول إلى الطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة.
ويعد تخزين الطاقة المتجددة مهمًا للغاية لهذا التحول. فالطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير متاحتين طوال الوقت. وللحفاظ على استقرار الشبكة الوطنية، يجب تخزين الطاقة المتجددة في مكان ما وتزويدها بشكل موثوق.
لقد قطعت البلاد بالفعل خطوات واسعة في دمج الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء من خلال برنامج شراء منتجي الطاقة المستقلين للطاقة المتجددة.
ومنذ عام 2010، اجتذب هذا البرنامج 110 مشروعًا مستقلًا للطاقة استثمرت 277.2 مليار راند (14.6 مليار دولار أمريكي) في الطاقة المتجددة.
لكن الطريق الذي تسلكه جنوب أفريقيا نحو مستقبل مستدام للطاقة معقد بسبب المشاكل المتعلقة بتقنيات تخزين الطاقة.
جبينجا أباتا، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه، جامعة جوهانسبرج، مهندسًا كهربائيًا وباحثًا، يركز على التحولات في مجال الطاقة والحواجز المختلفة التي تحول دون نشر الطاقة المتجددة في جميع أنحاء منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، ويبحث في دور تخزين الطاقة في التحول في مجال الطاقة في جنوب إفريقيا.
لقد قام بمراجعة كل الأدبيات المتوفرة حول تقنيات تخزين الطاقة والسياسات واتجاهات السوق في جنوب أفريقيا لتحديد الحالة العامة لتخزين الطاقة المتجددة، كما أراد معرفة كيف يمكن لتخزين الطاقة المتجددة أن يجلب المزيد من الطاقة المتجددة إلى الشبكة الوطنية، ويجعل الشبكة أكثر موثوقية.
أنواع مختلفة من تخزينالطاقة،
توجد أنواع مختلفة من تخزين الطاقة، على سبيل المثال، يمكن لبطاريات الليثيوم أيون تخزين الطاقة بكميات مختلفة، من الصغيرة (بحجم الهاتف) إلى الكبيرة (بحجم المدينة)، اعتمادًا على حجمها والغرض منها.
تعد الطاقة الكهرومائية المخزنة بالضخ طريقة أخرى لتخزين الطاقة، يتم ذلك عن طريق ضخ المياه من سد سفلي إلى سد علوي خلال ساعات الذروة، ثم إطلاقها لتوليد الكهرباء عند الحاجة، هذا يشبه البطارية القابلة لإعادة الشحن ولكنها تستخدم الماء والجاذبية.
ومن بين الخيارات الأخرى أجهزة تخزين الطاقة الحرارية التي تعمل على تسخين أو تبريد المواد بحيث يمكن استخدام الطاقة لاحقًا. وهناك مناقشات جارية حول إمكانات الهيدروجين الأخضر لتخزين الطاقة .
توصلت أبحاث جبينجا أباتا،إلى أن مخططات تخزين الطاقة بالضخ كانت في الماضي تشكل جزءًا مهمًا من خطط جنوب أفريقيا لتوسيع قدرتها على توليد الكهرباء. ومع ذلك، فقد تراجع الاهتمام بهذا الشكل من أشكال تخزين الطاقة المتجددة. ويرجع هذا في الأساس إلى المخاوف في الصناعة من عدم وجود ما يكفي من المياه لجعل هذه الخطط ممكنة في المستقبل.
اليوم، يُنظر إلى أنظمة بطاريات الطاقة المتجددة الكبيرة على أنها الخيار المستقبلي الأفضل لتخزين الطاقة المتجددة، حيث بدأت شركة الكهرباء المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا، إسكوم، في إنشاء أنظمة تخزين البطاريات .
عالقة بالكربون
هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى تعقيد انتقال جنوب أفريقيا إلى نظام طاقة منخفض الكربون:
أولاً، هناك اعتماد تاريخي على الفحم بسبب وفرتهوالأهمية الاقتصادية لصناعة التعدين، وهذا الاعتماد يخلق مقاومة للتغيير ، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.
ثانياً، هناك نقص في الاستثمار في توسيع الشبكةالوطنية، فهي تحتاج إلى التطوير حتى يمكن تغذية الشبكة بالطاقة المتجددة، وتعاني شركة إسكوم من عبء ديون هائل، ومع توجيه معظم عائداتها نحو خدمة الديون، فإن الأموال المتاحة لتحسين البنية الأساسية محدودة.
وتشكل الالتزامات السياسية قصيرة الأجل أو غير المتسقة من جانب الحكومة مشكلة أخرى. وقد يؤدي هذا إلى خلق حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاستثمارات في الطاقة النظيفة، مما يجعل من الصعب على الشركات التخطيط على المدى الطويل.
ولكن التخطيط لابد أن يتم، ذلك أن مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، متقطعة ويتقلب إنتاجها على أساس الظروف الجوية والوقت من اليوم.
أنظمة تخزين على نطاقالشبكة
ولمعالجة هذا، أنشأت دول مثل المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة أنظمة تخزين على نطاق الشبكة: وهي أنظمة ضخمة تخزن الكهرباء لاستخدامها في وقت لاحق، وهذا يساعد في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على شبكة الطاقة.
يتضمن تخزين الطاقة على نطاق الشبكة البطاريات وتقنيات أخرى مثل تخزين الطاقة بالهواء المضغوط، ويمكن لجنوب أفريقيا، التي تواجه تحديات مماثلة مع انقطاع الطاقة المتجددة، أن تستفيد من تبني تقنيات تخزين الطاقة المثبتة هذه.
الحوافز والمهارات والتنظيم
يقول الباحث إن تقنيات تخزين الطاقة، وخاصة البطاريات، تعمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بل إنها قادرة في الواقع على دفع عجلة إزالة الكربون.
ولكن التكاليف المرتفعة تشكل مشكلة، ويتعين على الحكومة والقطاع الخاص التعاون من أجل خلق الحوافز المالية ودعم البحث والتطوير في مجال حلول تخزين الطاقة.
ومن الضروري أيضًا بناء قوة عاملة ماهرة تتمتع بخبرة محلية في تقنيات تخزين الطاقة.
قد يكون تخزين البطاريات قادرًا من الناحية الفنية على توفير خدمة أساسية للشبكة، ولكن إذا لم تنص أي لوائح أو إرشادات صراحةً على أن التخزين يمكنه توفير هذه الخدمات، فقد لا تكون شركات المرافق ومشغلو السوق على استعداد للاستثمار في أنظمة تخزين الطاقة المتجددة.
هناك حاجة إلى لوائح للاعتراف صراحةً بأن بطاريات تخزين الطاقة المتجددة تشكل جزءًا رئيسيًا من أسواق الطاقة وتوفر خدمات أساسية للشبكة.
إن وجود إرشادات واضحة بشأن المتطلبات الفنية والمشاركة في السوق وآليات التعويض من شأنه أن يمكّن تخزين البطاريات من المساهمة في نظام طاقة أكثر مرونة وكفاءة واستدامة.
السياسات والشراكاتوالتخطيط العام
أولاً، يتعين على الحكومة أن تنفذ سياسات واضحةوداعمة من شأنها أن تخلق الحوافز للاستثمار في تكنولوجيات تخزين الطاقة، الإعفاءات الضريبية، والإعانات، والمنح المخصصة للبحث والتطوير تشكل سياسات عالمية ناجحة.
وثانياً، من الممكن أن يؤدي تعزيز الشراكات بينالجامعات ومؤسسات البحث والقطاع الخاص إلى تعزيز الابتكار وخفض التكاليف، ومن الممكن أن تؤدي الجهود التعاونية إلى إيجاد حلول مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات جنوب أفريقيا الفريدة من الطاقة.
ثالثاً، يشكل الوعي العام وفهم فوائد تخزين الطاقةأهمية بالغة، ومن الممكن أن تعمل الحملات التعليمية ومبادرات إشراك المجتمع على بناء الدعم العام لتقنيات الطاقة النظيفة. وهذا من شأنه أن يسهل حصول الطاقة النظيفة على دعم واسع النطاق.
وأخيرا، فإن دمج تخزين الطاقة في التخطيطالوطني للطاقة أمر ضروري، وهذا يعني التأكد من أن حلول التخزين تشكل جزءا أساسيا من كيفية إنتاج الدولة للطاقة واستخدامها، وخاصة في المشاريع المستقبلية الكبرى.