مقالات وبحوث
قبيل اجتماع «أوبك بلس»
روسيا هي ثالث أكبر منتجي النفط في العالم بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ودورها مهم في استقرار أسواق الطاقة، وهي بدخولها الحرب مع أوكرانيا ستؤثر بلا شك في استقرار أسواق النفط العالمية، وهو الأمر الذي قد يكون محور اجتماع «أوبك بلس» اليوم الأربعاء. ولفهم مدى تأثير روسيا في أسواق النفط على ضوء الحرب مع أوكرانيا، فمن المهم معرفة دور روسيا في أسواق الطاقة بشكل عام.
فروسيا صدرت في عام 2021 ما قيمته 170 مليار دولار من النفط والمشتقات النفطية والغاز والكهرباء، نحو 56 في المائة من هذه الصادرات ذهبت إلى أوروبا، و38 في المائة إلى آسيا بينما لم تزد نسبة أميركا الشمالية على 5 في المائة. هذه الأرقام مهمة جدا لمعرفة مدى أثر العقوبات التي قد تطبق على روسيا ومن سيكون المتأثر الأكبر منها.
ورغم أن الغاز الروسي هو الموضوع الأكثر طرحا هذه الأيام، إلا ميزانية الحكومة الروسية تعتمد بشكل أكبر على الصادرات النفطية، وتبلغ قيمة الغاز من مجموع صادرات الطاقة والنفط الروسية للغرب 4 في المائة فقط، بينما تصل قيمة النفط الخام إلى 55 في المائة والمشتقات النفطية إلى 40 في المائة.
إلا أن للغاز أهمية استراتيجية في العلاقة الروسية الأوروبية، فأوروبا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يشكل نحو من 35 في المائة من احتياجها من الغاز، وتتباين الدول الأوروبية في اعتمادها على الغاز الروسي، فتأتي دول البلطيق في مقدمة هذه الدول، بينما تعد ألمانيا هي الدولة الأكثر ثقلا في هذه القائمة باعتمادها على الغاز المستورد من روسيا بنسبة 65 في المائة.
وأوروبا – بحسب خططها المعلنة – تنوي الاعتماد على الغاز بشكل جوهري في العقود القادمة ضمن خططها لمكافحة التغير المناخي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري واستخدام الغاز كمصدر طاقة صديق للبيئة، إلا أن هذه الخطط الآن في خطر في حال انقطاع الغاز الروسي، وقد تعود أوروبا للفحم كما هو متداول الآن، أو للطاقة النووية، وهو الأمر الذي بدأ الأوروبيون في نقاشه فعليا بإعادة المفاعلات النووية الألمانية للعمل مرة أخرى.
ويتضح من ذلك أهمية الشراكة الروسية الأوروبية في مجال الطاقة بشكل عام، هذه الشراكة التي تعرضت بالفعل للتهديد خلال الأيام الماضية مع عدم وضوح الموقف الأوروبي حتى الآن. وفي حال شملت العقوبات الغربية منتجات النفط والطاقة، فإن 60 في المائة من هذه الصادرات الروسية سوف تبحث لها عن مستوردين جدد، وعلى الأغلب فإن الوجهة الجديدة ستكون آسيا، هذا الأمر أصبح واقعا مع إعلان شركة الغاز الروسية (جازبروم) أمس الثلاثاء عن الاتفاق مع الصين لبناء خط أنابيب لتزويد بكين 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. ويبدو أن الأيام القادمة قد تشهد تغييرا في خريطة قطاع النفط والطاقة بانتهاء شراكات سابقة وبدء شراكات جديدة حتمتها العوامل السياسية التي لم تكن الحرب الأوكرانية إلا فتيلا لها.