أخبارالطاقةالطاقة الكهربائية

استهلاك الكهرباء في الإنارة العمومية يؤرق الجزائر.. هل الحل بالطاقة الشمسية؟

يشكّل استهلاك الكهرباء بالإنارة العمومية في الجزائر إحدى أكبر الأزمات التي تؤرّق وزارة الطاقة والمناجم وتزيد من أعباء ومديونيات الشركات العامة.

وتعمل شركة الكهرباء والغاز الجزائرية “سونلغاز” على وضع برنامج لتقليص حجم الاستهلاك وترشيد النفقات، لتخفيف وطأة العجز الذي تعاني منه المؤسسة سنويًا.

وتحقيقًا لهذه الأهداف، تتجه الحكومة إلى الاعتماد على استعمال الطاقة الشمسية مصدرًا للإنارة العمومية في الجزائر، لا سيما في ظل تضاعف الطلب عليها، مع اتّساع شبكة الطرق البرية (الطريق السريع شرق غرب الذي يصل الحدود الشرقية بالحدود الغربية للبلاد، والطريق السريع الرابط بين الشمال والجنوب)، رغم أنه ما يزال هناك أكثر من 80% من الطرق غير مجهزة بالإنارة.

إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية

تعمل شركة سونلغاز في إطار التعاون مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية -بصفتها الجهة الوصية على تسديد فواتير البلديات لصالح سونلغاز- على تجديد الخطة الوطنية للإنارة العمومية، من خلال تعميم إنارة ناجعة.

إذ تشير الأرقام الرسمية إلى أنّ العملية سمحت “بتقليص نسبة مصابيح الزئبق ذات الاستهلاك الكبير، والاستعانة بالمصابيح الموفرة “ليد” (LED)، إذ تفوق نسبة استعمالها حاليًا على مستوى الجزائر 30%، من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء في الجزائر.

وتستعد وزارة الداخلية في الجزائر، تبعًا لذلك، لإطلاق برنامج وطني لاستعمال الطاقة الشمسية في الإنارة العمومية، على أن تبدأ العملية بولايات نموذجية جنوب الوطن، من منطلق كونها المناطق التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة على مدار أشهر السنة، فضلًا عن كونها مناطق بعيدة عن شبكة الكهرباء، وتكلّف الخزينة العامة للبلاد أموالًا طائلة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ نسبة استعمال الطاقة الشمسية مصدرًا للإنارة العمومية في الجزائر لا تتجاوز حاليًا 2% من مجمل الخطة الوطنية، الأمر الذي يجعل المهمة صعبة، على الرغم من الوثيقة المرجعية التي أطلقتها محافظة الطاقات المتجددة والفاعلية الطاقية منذ عام 2021، بصفتها أرضية معالجة مشروعات الإنارة العمومية بدقة وموضوعية.

الكهرباء في الجزائر

قال الخبير في شؤون الطاقة، عبدالرحمان مبتول، استنادًا إلى الأرقام المقدمة من قبل وزارة الطاقة والمناجم إلى نهاية عام 2021، فإنّ فاتورة الإنارة العمومية التي تستهلكها الجماعات المحلية تُقدَّر سنويًا من 13 إلى 15 مليار دينار (ما يعادل 100 مليون دولار)، وعليه فإنّها تمثّل 40% من إجمالي استهلاك الكهرباء في الجزائر محليًا، أي 6500 ميغاواط من بين 14500 ميغاواط المستهلك من الكهرباء.

 

وأضاف في تصريح خاص إلى منصة الطاقة، أنّ هذه الأرقام لا تأخذ بالحسبان التوصيلات “غير الشرعية” وظاهرة سرقة الكهرباء في الجزائر، التي تؤرق مؤسسة سونلغاز.

وأوضح أنّ الميزانية المدرجة من قبل البلديات والولايات في هذا الشأن تعكس اللاعقلانية في الاستهلاك، الأمر الذي يؤدي إلى تبذير كبير في الطاقة، فعادةً ما تبقى أعمدة الإنارة العمومية مشتعلة طوال اليوم، بحجة أنّ فرق الصيانة تفضّل العمل في النهار، على خلاف ما هو معمول به في كل العالم، ما يجعل الفاتورة مضاعفة.

وأشار إلى أن هذه الوضعية تضع سونلغاز المسؤولة بوصفها الشركة المسؤولة على توزيع الكهرباء في الجزائر أمام خيارين أحلاهما مرّ، إمّا قطع التيار أو التفاوض بشأن تسديد الفواتير، بينما يفرض عليها البرنامج المقرر للاستثمار تخصيص ميزانيات أكبر للتطوير وتنفيذ المشروعات.

 

وأوضح مبتول أنّ الخيار الأول غير ممكن عمليًا، إذ يرتبط بتزويد هيئات ومؤسسات حساسية بالكهرباء، كالمدارس، والمستشفيات.

 

سعر الكهرباء في الجزائر

من الناحية المقابلة، ذكر خبير الطاقة الجزائري عبدالرحمن متبول تأثير السعر المدعم للكهرباء، من منطلق كونه لا يشكّل سوى نسبة تتراوح ما بين 10% إلى 20% من السعر في السوق الدولية، ومن ثم فهو لا يكاد يغطي تكاليف إنتاجه.

 

ودعا متبول إلى ضرورة إدراج أسعار الكهرباء ضمن التوجهات الرامية لمراجعة سياسة الدعم، موازاة مع التحكم في الاستهلاك غير الشرعي (سرقة الكهرباء)، إذ تمثّل جزءًا مهمًا من العجز المالي لمؤسسة سونلغاز.

 

شدّد خبير الطاقة على توجّه الجزائر نحو نموذج الفاعلية الطاقية في جميع الميادين، بما في هذا إعادة في طريقة البناء الكلاسيكية باستعمال المواد التقليدية “المستهلكة” للطاقة، مشيرًا إلى الأساليب الجديدة للبناء التي من شأنها تقليص حجم استهلاك من 30 إلى 40%.

ومن ناحية أخرى، فإنّ الجماعات المحلية (البلديات) مطالبة بالإسهام في ترجمة هذا الهدف، من خلال استعمال المصابيح الاقتصادية، فضلًا عن تفعيل الطاقة المتجددة في الإنارة العمومية، في وقت يبقى به -حسب الأرقام الرسمية- الغاز الطبيعي المصدر الأول للطاقة في الجزائر، كونه يمثّل 65%، في حين يمثّل النفط 35%، بينما لا تمثّل الطاقة المتجددة، حسب آخر الأرقام الرسمية الصادرة في 2022، إلّا نحو 2% من المزيج الطاقي الجزائري.

إغلاق